بغداد - ناس
قال محللون إن الخطوة المفاجئة التي اتخذتها السعودية لاستعادة العلاقات مع إيران تضيف بعدا جديدا ومعقدا إلى رقصتها الدبلوماسية الدقيقة مع إسرائيل، التي تتوق إلى صفقة تطبيع كبيرة خاصة بها.
قناة "ناس" على تلكرام.. آخر تحديثاتنا أولاً بأول
أعلنت الرياض وطهران الجمعة أنهما بعد سبع سنوات من قطع العلاقات ستعيدان فتح السفارات والبعثات في غضون شهرين وتنفيذ اتفاقيات التعاون الأمني والاقتصادي الموقعة منذ أكثر من 20 عامًا.
وأثارت الصفقة التي توسطت فيها الصين انتقادات حادة داخل إسرائيل لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، الذي أوضح تركيزه على إشراك السعودية كجزء من تحالف إقليمي ضد إيران.
وقال زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لبيد إن ذلك يمثل "فشلًا تامًا وخطيرًا في السياسة الخارجية للحكومة الإسرائيلية".
ومع ذلك، حذر مراقبون إقليميون من أن التداعيات الفعلية للصفقة بعيدة كل البعد عن الوضوح - سواء من حيث التعاون السعودي الإيراني المستقبلي أو علاقة إسرائيل بالرياض.
وقال المحلل السعودي عزيز الغشيان إن فكرة أن السعودية مهتمة حصريًا بإسرائيل كجزء من جبهة محتملة ضد إيران كانت دائمًا "سطحية" وقال إن "فكرة" عدو عدوي صديقي "ـ نادرا ما عملت السعودية بهذه الطريقة، لا سيما بشكل استراتيجي".
وأضاف أنه مع أخبار الجمعة، "ترى بوضوح أن المملك أعطت الأولوية للتقارب مع إيران على التقارب العلني مع إسرائيل".
لكن "هذا لا يعني أن العلاقات الهادئة للغاية مع إسرائيل ستتوقف ... الآن العلاقة مع إيران متغير وهذا جزء من الحسابات".
وتقول السعودية، موطن أقدس المواقع الإسلامية في مكة والمدينة، منذ فترة طويلة إن اعترافها بإسرائيل يتوقف على حل الدولتين مع الفلسطينيين ولم تنضم الرياض إلى اتفاقيات أبراهام لعام 2020 التي توسطت فيها الولايات المتحدة والتي شهدت قيام الدولة اليهودية بإقامة علاقات مع اثنين من جيران المملكة، الإمارات والبحرين.
ومع ذلك، كانت هناك علامات أكثر دقة على وجود تعاون محتمل فقد تمكن العديد من الصحفيين الإسرائيليين الذين يحملون جوازات سفر أجنبية من زيارة المملكة قبل وأثناء جولة الرئيس الأمريكي جو بايدن في الشرق الأوسط العام الماضي. وأعلنت هيئة الطيران المدني السعودية خلال تلك الرحلة أنها رفعت قيود التحليق على "جميع الناقلات"، مما يمهد الطريق أمام الطائرات الإسرائيلية لاستخدام الأجواء السعودية.
وفي (أكتوبر)، ظهر رئيس بنك إسرائيلي عربي إسرائيلي في منتدى المستثمرين السعوديين، مشيدًا بالفرص "المذهلة" في المملكة.
ذكرت صحيفة وول ستريت جورنال ونيويورك تايمز هذا الأسبوع أن الرياض تمارس ضغوطًا خاصة من أجل ضمانات أمنية من الولايات المتحدة والمساعدة في برنامج نووي مدني مقابل صفقة مع إسرائيل.
وقال عمر كريم، الخبير في السياسة السعودية بجامعة برمنجهام، إن تصاعد العنف الإسرائيلي الفلسطيني هذا العام جعل التقدم العام غير مرجح على المدى القصير "ليس لدى السعوديين حافز الآن للتطبيع السريع مع إسرائيل".
وقال بريان كاتوليس من معهد الشرق الأوسط بواشنطن إن الاتفاق السعودي الإيراني الجديد "قد يؤدي إلى فجوة أوسع بين إسرائيل والسعودية إذا أسفر ذلك عن انفتاح دبلوماسي أوسع بين المملكة وإيران".
وتشكك إسرائيل في أي دبلوماسية مع النظام في طهران. يقول نيكولاس هيراس إن ذلك يجعل الصفقة السعودية الإيرانية "نصرا دبلوماسيا واضحا لإيران" و "ضربة" لنتنياهو.
وقال إن "المملكة، التي تتودد إليها إسرائيل بشدة، أرسلت للتو إشارة كبيرة إلى الحكومة الإسرائيلية الحالية مفادها أن الإسرائيليين لا يمكنهم الاعتماد على الرياض لدعم العمل العسكري الإسرائيلي ضد إيران في أي مكان في المنطقة".
ومع ذلك، لا يعتقد الجميع أن التداعيات واضحة جدًا. تقول فاطمة أبو الأسرار، باحثة غير مقيمة في معهد الشرق الأوسط، إن "الصفقة الإيرانية/السعودية ضيقة نسبيًا، حيث تركز على قضايا محددة مثل إعادة فتح السفارات واستئناف العلاقات التجارية وكذلك الأمن من الهجمات.. في حين أن هذه الخطوات ضرورية لتحسين العلاقات الاقتصادية وتخفيف التوترات بين البلدين، إلا أنها لا تعالج الخلافات الأيديولوجية والسياسية الأوسع التي دفعت التنافس طويل الأمد بينهما."
يمكن أيضًا النظر إلى انفتاح الممل على إعادة التواصل مع إيران على أنه جزء من دفعة دبلوماسية أكبر تضمنت إصلاح الخلافات مع قطر وتركيا. يقول الباحث السعودي إياد الرفاعي إن هذا الاتجاه قد يفيد إسرائيل في نهاية المطاف، حتى لو كانت السياسات الحالية لحكومة نتنياهو اليمينية المتشددة تعمل ضد ذلك "إنه يخلق زخما يمكن أن يساعد المنطقة في التحرك نحو مستقبل من التفاهم والاحترام المتبادل والتعاون بين الدول" ويضيف "في مثل هذه البيئة، يمكن للاعبين الإقليميين، وخاصة إسرائيل في هذه الحالة، الاستفادة".
"AFP"