بغداد - ناس
كيف يدير رئيس الوزراء محمد شياع السوداني ملف وجود القوات الأميركية في العراق، وكيف سينعكس ذلك على علاقته مع قوى "الإطار التنسيقي"، وماهي رؤية القوى والفصائل المنضوية تحت خيمة الإطار التنسيقي تجاه القوات الأميركية، شكلت محاور وزوايا لتقرير نشره الباحث السعودي المختص بالشأن الشيعي "حسن مصطفى" في "العربية".
قناة "ناس" على تلكرام.. آخر تحديثاتنا أولاً بأول
وذكر التقرير الذي تابعه "ناس"، الأربعاء، (1 شباط 2023)، أن السوداني يدرك أن أي ضغط من قبل حلفائه من أجل الاستعجال في إخراج "القوات الأجنبية" من العراق، ستكون له عواقب وخيمة ويقابل هذا تباين في الرؤي والتوجهات بين القوى الشيعية التي تشكل قاعدة سياسية لحكومته.
فيما يلي نص التقرير:
يعي الرئيس السوداني أنه بحاجة ماسة للقوات الأميركية، من أجل مواجهة "الإرهاب" وتحديداً تنظيم "داعش"، كون هذه القوات توفر لنظيرتها العراقية التدريب والمعلومات اللوجستية والاستخبارية، فضلاً عن قيامها بعمليات نوعية في تعقبها للقيادات الأكثر خطورة وعنفاً.
أهمية القوات الأجنبية
من هنا، يدرك السوداني أن أي ضغط من قبل حلفائه من أجل الاستعجال في إخراج "القوات الأجنبية" من العراق، ستكون له عواقب وخيمة؛ ولذا، وفي 13 يناير الماضي، وعلى هامش زيارته لألمانيا، وفي حديث مع "دويتشه فيله"، قال رئيس الوزراء العراقي إن "التفاهمات التي أفضت إلى تشكيل هذه الحكومة بين مختلف القوى السياسية انتهت إلى تخويل هذه الحكومة، بالتفاوض مع الولايات المتحدة والتحالف الدولي لترتيب شكل هذا التواجد وتحديد المهام"، مؤكداً أن "هذا الحوار مستمر، ونحن سوف ننجز هذا الأمر بالشكل الذي يحافظ على سيادة العراق". وعندما سأله المُضيف إذا كان هذا يعني بقاء القوات الأميركية وفق تفاهمات وترتيبات محددة، أجاب بـ"نعم"، وأضاف "هذا هو التوجه العام للحكومة، أن يكون هنالك تحديد للمهام والأماكن في مقطع زمني معلوم".
هذا الموقف السياسي من الرئيس محمد شياع السوداني، لن يروق لعدد من مكونات "الإطار التنسيقي". هو سلوكٌ مقبول من جهاتٍ مثل "حزب الدعوة"، وربما لا تشاكسهُ "عصائب أهل الحق" التي تسعى لأن تقدم ذاتها في لبوسٍ أكثر "برغماتية"، إلا أنه بالتأكيد ستمتعضُ منه التشكيلات الأكثر راديكالية مثل "كتائب حزب الله".
تباينٌ محدود
"معهد واشنطن" وفي "تحليل للسياسات" قدمه ثلاثة من الباحثين، وهم: أمير الكعبي، مايكل نايتس، حمدي مالك، نشر في يناير الماضي، حمل عنوان "الناطقون باسم المقاومة يتحدثون عن الدعوة التي وجهها السوداني للقوات الأميركية للبقاء"، وصلوا فيه إلى خلاصة مفادها "تشير عصائب أهل الحق إلى انتهاج تفكير عملي، في حين تغيّر كتائب حزب الله حججها وتكيّفها لمسايرتها، وإن كان ذلك دون قبول صريح للوجود العسكري الأميركي".
التحليلُ أشارَ إلى موقف سعيد السراي، أمين عام حركة "حقوق" التي تشغل 6 مقاعد في مجلس النواب العراقي، وهي الجناح السياسي لـ"كتائب حزب الله"، السراي قال لموقع "شفق نيوز" العراقي إن "عدم تنفيذ رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، لقرار إخراج القوات الأميركية.. سيدفعنا لاتخاذ مواقف سياسية. ولهذا يجب تنفيذ القرار وفق الأطر القانونية والدبلوماسية".
الباحثون، استوقفهم أيضاً ما نقلته صحيفة "الأخبار" اللبنانية عن النائب الحالي و"المقاتل المخضرم والمتمرس" في "عصائب أهل الحق"، علي تركي، الذي نقلوا عن الصحيفة قوله في 10 يناير الماضي، إن "الجلوس مع أميركا لغرض تبادل المصالح هذا لا ضير فيه''، مضيفاً "القوات الأميركية الموجودة في العراق اليوم هي لتدريب القوات الأمنية.. (أنّنا) نسعى إلى جعل العلاقة مع أميركا علاقة شراكة ومصالح".
إذن، هنالك زوايا نظرٍ مختلفة حتى بين الحلفاء في "الإطار التنسيقي" وتحديداً بين المجاميع التي تمتلك أجنحة عسكرية كـ"عصائب أهل الحق" و"كتائب حزب الله"، وهذا التباين يعكس أولاً اختلافاً في طريقة التفكير، وفي مستوى الصلابة العقائدية، وأيضاً مقدار التنازل الذي من الممكن أن تقدمه كل جهة في سبيل الحفاظ على مكتسباتها، أو ما يجعلها في مأمنٍ ولو نسبيٍ ومؤقت من الاستهداف الأميركي، خصوصاً أن واشنطن وضعت عدداً من هذه التشكيلات على قوائم الإرهاب مثل تسميتها للأمين العام لـ"عصائب أهل الحق" قيس الخزعلي، كـ"إرهابي عالمي محدد بصفة خاصة"، وذلك بموجب "الأمر التنفيذي رقم 13224"، والذي دخل حيّز التنفيذ اعتباراً من 3 يناير 2020.
فريق آخر، يجد أن هذه المواقف المتعددة لبعض قوى "الإطار التنسيقي" إنما قد تأتي في سياق "توزيع الأدوار"، وأنها لا تشير بالضرورة إلى خلافات حادة بينها، إنما الأكيد أن هنالك تنافسا وتباينا داخل "الإطار" ذاته كما يشير "المراقبون"، قد يقود لانفراط عقده في المفاصل الأكثر حساسية.
حكومة "مقاومة"!
إذن، هنالك محاولات مختلفة من قوى "الإطار التنسيقي" من أجل إعطاء فرصة لرئيس الوزراء محمد شياع السوداني للقيام بمهامه، خصوصاً أن هذه القوى تنظر للحكومة الحالية بوصفها "حكومة مقاومة"، وتخشى أن توجه لها أصابع اللوم بأنها تعمل على إفشال جهود الرئيس محمد شياع السوداني.
وبحسب "تحليل سياسات" قدمه الباحث العراقي حمدي مالك، نشره "معهد واشنطن" في ديسمبر 2022، لاحظ مالك أنه "وفقاً لزعيم «عصائب أهل الحق» قيس الخزعلي، تنظر "المقاومة" العراقية إلى رئيس الوزراء السوداني كمدير تكنوقراطي، في حين سيتم تحديد التوجيه الاستراتيجي والقرارات الأمنية من قبل "الإطار التنسيقي" الذي تقوده الميليشيات".
هذه النظرة يسعى الرئيس السوداني نحو التحرر من أعبائها والتخلص من أكلافها السياسية والأمنية، من خلال عمله لبناء علاقات عراقية – خارجية أكثر توازناً وانفتاحاً على دول الشرق الأوسط، وتحديداً دول الخليج العربي، مقدماً تصوراً للعراق بوصفه نقطة اتصال بين هذه الدول، ومبدياً استعداده لتحييد العراق عن الصراعات، وأن لا يتحول منصة لتصفية الحسابات أو تهديد الجيران، وهي المهمة الدقيقة والصعبة!".